للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: فتبين وجه إيراد المصنف الآية على الترجمة، لأن قول"لو"في الأمور المقدرة من كلام المنافقين، ولهذا رد الله عليهم ذلك بأن هذا قدر، فمن كتب عليه شيء فلا بد أن يناله، فماذا يغني عنكم قول"لو"و"ليت"إلا الحسرة والندامة؟! فالواجب عليكم في هذه الحالة الإيمان بالله والتعزي بقدره مع ما ترجون من حسن ثوابه، وفي ذلك عين الفلاح لكم في الدنيا والآخرة، بل يصل الأمر إلى أن تنقلب المخاوف أمانًا والأحزان سرورًا وفرحًا كما قال عمر بن عبد العزيز: أصبحت وما لي سرور إلا في مواقع القضاء والقدر.

قال: وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ... } ١.

ش: روى ابن جرير عن السدي قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في ألف رجل، وقد وعدهم الفتح إن صبروا، فلما خرجوا رجع عبد الله ابن أبي في ثلاثمائة، فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم، فلما غلبوه وقالوا له: ما نعلم قتالاً ولئن أطعتنا لترجعن معنا فنَزل: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ... } ٢. وعن ابن جريج في الآية. قال: هو عبد الله بن أبي {الَّذِينَ ... وَقَعَدُوا} ٣. الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم. فعلى هذا إخوانهم هم المسلمون المجاهدون، وسموا إخوانهم لموافقتهم في الظاهر. وقيل: إخوانهم في النسب لا في الدين. {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} ٤. قال ابن كثير: لو سمعوا مشورتنا عليهم في القعود، وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل قال الله تعالى: {قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٥. أي: إن كان القعود يسلم به الشخص من القتل والموت فينبغي أنكم لا تموتون، والموت لا بد آت إليكم ولو كنتم في بروج مشيدة. فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين. قال مجاهد: عن جابر بن


١ سورة آل عمران آية: ١٦٨.
٢ سورة آل عمران آية: ١٦٨.
٣ سورة آل عمران آية: ١٦٨.
٤ سورة آل عمران آية: ١٦٨.
٥ سورة آل عمران آية: ١٦٨.

<<  <   >  >>