للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله عليه، فلا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عزّ وجل. فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته ويعلم أصحابه أن يقولوا: "الحمد لله نستعينه ونستهديه" ١. ومن دعاء القنوت: "اللهم إنا نستعينك" وأمر معاذ بن جبل أن لا يدع في دبر كل صلاة أن يقول: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" ٢. وكان ذلك من دعائه صلى الله عليه وسلم. ومنه أيضًا: "اللهم أعني ولا تعن علي" ٣. وإذا حقق العبد مقام الاستعانة وعمل به، كان مستعينًا بالله عزّ وجل متوكلاً عليه، راغبًا وراهبًا إليه; فيستحق له مقام التوحيد إن شاء الله تعالى.

قوله:"ولا تعجز"، وهو بكسر الجيم وفتحها. استعمل الحرص والاجتهاد في تحصيل ما ينفعك من أمر دينك ودنياك التي تستعين بها على صيانة دينك، وصيانة عيالك، ومكارم أخلاقك. ولا تفرط في طلب ذلك، ولا تتعاجز عنه متكلاً على القدر، أو متهاونًا بالأمر. فتنسب للتقصير وتلام على التفريط شرعًا وعقلًا مع إنهاء الاجتهاد نهايته، وبلاغ الحرص غايته. فلا بد من الاستعانة بالله والتوكل عليه والالتجاء في كل الأمور إليه، فمن ملك هذين الطريقين حصل على خير الدارين.

وقال ابن القيم: "العجز ينافي حرصه على ما ينفعه، وينافي استعانته بالله، فالحريص على ما ينفعه المستعين بالله ضد العاجز، فهذا إرشاد له قبل رجوع المقدور إلى ما هو من أعظم أسباب حصوله، وهو الحريص عليه مع الاستعانة بمن أزمة الأمور بيده، ومصدرها منه، ومردها إليه".

قوله:"وإن أصابك شيء..."، إلى آخره. العبد إذا فاته ما لم يقدر له فله حالتان: حالة عجز وهي مفتاح عمل الشيطان فيلقيه


١ الترمذي: النكاح (١١٠٥) , والنسائي: الجمعة (١٤٠٤) , وأبو داود: النكاح (٢١١٨) , وابن ماجه: النكاح (١٨٩٢) , وأحمد (١/٣٩٢ ,١/٤٣٢) , والدارمي: النكاح (٢٢٠٢) .
٢ مسلم: العلم (٢٦٧٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٨) , وأحمد (١/٣٨٦) .
٣ الترمذي: الدعوات (٣٥٥١) , وأبو داود: الصلاة (١٥١٠) , وابن ماجه: الدعاء (٣٨٣٠) , وأحمد (١/٢٢٦) .

<<  <   >  >>