للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بإسناده حديث منقطع أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقر، فقال له: "لعلك تسب الريح". وقال مطرف: "لو حبست الريح عن الناس لأنتن ما بين السماء والأرض".

قوله:"فإذا رأيتم ما تكرهون"، أي: من الريح إما شدة حرها، أو بردها، أو قوتها.

قوله: فقولوا:"اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح"، أمر صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى خالقها وآمرها الذي أزمة الأمور كلها بيده، ومصدرها عن قضائه، فما استجلبت نعمة بمثل طاعته وشكره، ولا استدفعت نقمة بمثل الالتجاء إليه والتعوذ به، والاضطرار إليه والاستكانة له ودعائه، والتوبة إليه والاستغفار من الذنوب.

قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: "اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به" ١. وإذا تخيلت السماء تغير لونه، وخرج ودخل وأدبر وأقبل، فإذا مطرت سري ذلك عنه، فعرفت عائشة ذلك فسألته، فقال:"لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ٢". رواه البخاري ومسلم، فهذا ما أمر به صلى الله عليه وسلم وفعله عند الريح وغيرها من الشدائد المكروهات، فأين هذا ممن يستغيث بغير الله من الطواغيت والأموات، فيقولون: يا فلان الزمها أو أزلها. فالله المستعان.


١ البخاري: تفسير القرآن (٤٨٢٩) , ومسلم: صلاة الاستسقاء (٨٩٩) , وأبو داود: الأدب (٥٠٩٨) , وابن ماجه: الدعاء (٣٨٩١) , وأحمد (٦/٦٦ ,٦/٢٤٠) .
٢ سورة الأحقاف آية: ٢٤.

<<  <   >  >>