للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، ثم كتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السموات". وذكر أحاديث وآثارًا، ثم قال ما معناه: فثبت في النصوص الصحيحة أن العرش خلق أولاً.

وقال ابن كثير: "قال قائلون: خلق القلم أولاً، وهذا اختيار ابن جرير وابن الجوزي وغيرهما".

قال ابن جرير: "وبعد القلم السحاب الرقيق، وبعده العرش، واحتجوا بحديث عبادة".

والذي عليه الجمهور أن العرش مخلوق قبل ذلك، كما دل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في"صحيحه"يعني حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي تقدم. قالوا: وهذا التقدير هو كتابته بالقلم المقادير، وقد دل الحديث أن ذلك بعد خلق العرش، فثبت تقديم العرش على القلم الذي كتب به المقادير كما ذهب إلى ذلك الجماهير. ويحمل حديث القلم على أنه أول المخلوقات من هذا العالم. انتهى بمعناه.

قوله:"اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة". قال شيخ الإسلام: وكذلك في حديث ابن عباس وغيره، وهذا يبين أنه إنما أمره حينئذ أن يكتب مقدار هذا الخلق إلى قيام الساعة، لم يكن حينئذ ما يكون بعد ذلك.

قوله:"من مات على غير هذا لم يكن مني". أي: لأنه إذا كان جاحدًا للعلم القديم فهو كافر، كما قال كثير من أئمة السلف: ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خصموا، وإن جحدوا كفروا. يريدون أن من أنكر العلم القديم السابق بأفعال العباد، وأن الله قسمهم قبل خلقهم إلى شقي وسعيد، وكتب ذلك عنده في كتاب حفيظ، فقد كذب القرآن، فيكفر بذلك، كما نص عليه الشافعي وأحمد وغيرهما، وإن أقروا بذلك وأنكروا أن الله خلق أفعال العباد، وشاءها وأرادها بينهم إرادة كونية قدرية، فقد خصموا، لأن ما أقروا به حجة عليهم فيما أنكروه. وفي تكفير هؤلاء نزاع مشهور، وبالجملة فهم

<<  <   >  >>