وتسقط عن صبيانهم ونسائهم ... وشيخ لهم فانٍ وأعمى ومقعد
وذي الفقر والمجنون أو عبد مسلم ... ومن وجبت منهم عليه فيهتدي
وعند مالك وكافة العلماء على الرجال الأحرار البالغين العقلاء دون غيرهم، وإنما تؤخذ ممن كان تحت قهر المسلمين، لا ممن نأى بداره ويجب تحويلهم إلى بلاد المسلمين أو حربهم.
وقوله:"وإذا حاصرت أهل حصن"، الكلام إلى آخره فيه حجة لمن يقول من الفقهاء وأهل الأصول: إن المصيب في مسائل الاجتهاد واحد، وهو المعروف من مذهب مالك وغيره، ووجه الاستدلال به: أنه صلى الله عليه وسلم قد نص على أن الله تعالى قد حكم حكمًا معينًا في المجتهدات، فمن وافقه فهو المصيب، ومن لم يوافقه فهو المخطئ.
قوله:"وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ... "، الحديث. الذمة: العهد، وتخفر: تنقض. يقال: أخفرت الرجل: إذا نقضت عهده، وخفرته: أجرته، ومعناه: أنه خاف من نقض من لم يعرف حق الوفاء للعهد، كجملة الأعراب، فكأنه يقول: إن وقع نقض من متعد معتد، كان نقض عهد الخلق أهون من نقض عهد الله تعالى. والله أعلم.
قوله:"وقول نافع وقد سئل عن الدعوة قبل القتال"، ذكر فيه: أن مذهب مالك يجمع فيه بين الأحاديث في الدعوة قبل القتال. قال: وهو أن مالكًا قال: لا يقاتل الكفار قبل أن يدعوا، ولا تلتمس غرتهم إلا أن يكونوا قد بلغتهم الدعوة، فيجوز أن تلتمس غرتهم.
وهذا الذي صار إليه مالك هو الصحيح، لأن فائدة الدعوة أن يعرف العدو أن المسلمين لا يقاتلون للدنيا ولا للعصبية، وإنما يقاتلون للدين، فإذا علموا بذلك أمكن أن يكون ذلك سببًا مميلاً لهم إلى الانقياد إلى الحق، بخلاف ما إذا جهلوا مقصود المسلمين، فقد