للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعل يقول: أقصر عما أنت فيه. قال فيقول: خلني وربي، قال: فوجده يومًا على ذنب استعظمه. فقال: أقصر، فقال: خلني وربي، أبعثت علي رقيبًا، فقال: والله لا يغفر الله لك ولا يدخلك الجنة أبدًا. قال: فبعث الله إليهما ملكًا، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عنده، فقال للمذنب: ادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: أتستطيع أن تحظر على عبدي رحمتي؟ قال: لا يا رب. قال اذهبوا به إلى النار". قال أبو هريرة: "والذي نفسي بيده، تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته". رواه أبو داود في"سننه"وهذا لفظه عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: "كان رجلان في بني إسرائيل متآخيين فكان أحدهما يذنب، والآخر يجتهد في العبادة. فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يومًا على ذنب فقال له: أقصر، فقال: خلني وربي، أبعثت علي رقيبًا؟ قال: والله لا يغفر الله لك، ولا يدخلك الجنة. فقبضت أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالمًا، أو كنت على ما في يدي قادرًا؟ فقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار" ١.

قوله:"وفي حديث أبي هريرة أن القائل رجل عابد" يشير إلى قوله في هذا الحديث "أحدهما مجتهد في العبادة وفي هذه الأحاديث: بيان خطر اللسان، وذلك يفيد التحرز من الكلام، كما في حديث معاذ قلت: "يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم؟ " ٢. والله أعلم.


١ أبو داود: الأدب (٤٩٠١) , وأحمد (٢/٣٢٣ ,٢/٣٦٢) .
٢ الترمذي: الإيمان (٢٦١٦) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٧٣) , وأحمد (٥/٢٣١ ,٥/٢٣٧) .

<<  <   >  >>