للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما تسمية العبد بالسيد، فاختلف العلماء في ذلك.

قال العلامة ابن القيم في"بدائع الفوائد": "اختلف الناس في جواز إطلاق السيد على البشر، فمنعه قوم، ونقل عن مالك، واحتجوا بقول"النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: يا سيدنا قال"السيد الله تبارك وتعالى"١. وجوزه قوم، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار "قوموا إلى سيدكم" ٢. وهذا أصح من الحديث الأول. قال هؤلاء: السيد أحد ما يضاف إليه، فلا يقال للتميمي: سيد كندة، ولا يقال: الملك سيد البشر. قال: وعلى هذا فلا يجوز أن يطلق على الله هذا الاسم وفي هذا نظر، فإن السيد إذا أطلق عليه تعالى، فهو في منْزلة المالك، والمولى، والرب، لا بمعنى الذي يطلق على المخلوق. انتهى.

قلت: فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في معنى قول الله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً} ٣، أي: إلهًا وسيدًا، وقال في قول الله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ} ٤، إنه السيد الذي كمل في جميع أنواع السّؤدد. وقال أبو وائل: هو السّيد الذي انتهى سؤدده. وأما استدلالهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار "قوموا إلى سيدكم" ٥، فالظاهر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يواجه سعدًا به، فيكون في هذا المقام تفصيل. والله أعلم.


١ أبو داود: الأدب (٤٨٠٦) , وأحمد (٤/٢٥) .
٢ البخاري: الجهاد والسير (٣٠٤٣) , ومسلم: الجهاد والسير (١٧٦٨) , وأبو داود: الأدب (٥٢١٥) , وأحمد (٣/٢٢ ,٣/٧١) .
٣ سورة الأنعام آية: ١٦٤.
٤ سورة الإخلاص آية: ٢.
٥ البخاري: الجهاد والسير (٣٠٤٣) , ومسلم: الجهاد والسير (١٧٦٨) , وأبو داود: الأدب (٥٢١٥) , وأحمد (٣/٢٢ ,٣/٧١) .

<<  <   >  >>