للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً} ١. انتهى كلامه رحمه الله.

قلت: وقد ذكر الأئمة رحمهم الله تعالى فيما صنفوه في الرد على نفاة الصفات من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة ونحوهم أقوال الصحابة والتابعين. فمن ذلك ما رواه الحافظ الذهبي في كتاب"العلو". وغيره بالأسانيد الصحيحة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ٢. قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر. رواه ابن المنذر واللالكائي وغيرهما بأسانيد صحاح [مختصر العلوّ ١١١] . قال: وثبت عن سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى أنه قال:"لما سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن: كيف الاستواء؟ قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق".

وقال ابن وهب:"كنا عند مالك فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فأطرق مالك رحمه الله وأخذته الرحضاء. وقال: الرحمن على العرش استوى، كما وصف نفسه، ولا يقال: كيف؟ و"كيف"عنه مرفوع، وأنت صاحب بدعة. أخرجوه. رواه البيهقي بإسناد صحيح عن ابن وهب، ورواه عن يحيى بن يحيى أيضًا. ولفظه قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. قال الذهبي: فانظر إليهم كيف أثبتوا الاستواء لله، وأخبروا أنه معلوم لا يحتاج لفظه إلى تفسير، ونفوا عنه الكيفية. قال البخاري في"صحيحه": قال مجاهد: استوى: علا على العرش. وقال إسحاق ابن راهويه: سمعت غير واحد من المفسرين يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أي: ارتفع. وقال محمد بن جرير الطبري في


١ سورة آية: ٣٧-٣٦.
٢ سورة طه آية: ٥.

<<  <   >  >>