للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن رجب: وإسناده لا بأس به.

وسعيد بن عبيد: هو الْهُنَائِي: ذكره ابن حبان في " الثقات " وقال الدارقطني: تفرد به كثير بن فائد عن سعيد بن عبيد مرفوعًا.

قال ابن رجب: وتابعه على رفعه أبو سعيد مولى بني هاشم، فرواه عن سعيد بن عبيد مرفوعًا، وقد رواه الإمام أحمد من حديث أبي ذر بمعناه، وأخرجه الطبراني من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى مسلم من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله: من تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا" ١ الحديث. وفيه: "ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة، لا يشرك بي شيئًا لقيته بقرابها مغفرة" ٢.

قوله: " لو أتيتني بقراب الأرض ". قراب الأرض، بضم القاف، وقيل بكسرها، والضم أشهر، وهو ملؤها أو ما يقارب ملءها.

قوله: " ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا ". شرط ثقيل في الوعد بحصول المغفرة، وهو السلامة من الشرك كثيره وقليله، صغيره وكبيره، ولا يسلم من ذلك إلا من سلمه الله، وذلك هو القلب السليم. كما قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} ٣.

قال ابن رجب: من جاء مع التوحيد بقراب الأرض خطايا لقيه الله بقرابها مغفرة، لكن هذا مع مشيئة الله عز وجل فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه، ثم كان عاقبته أن لا يخلد في النار، بل يخرج منها ثم يدخل الجنة، فإن كمل توحيد العبد وإخلاصه لله تعالى فيه، وقام بشروطه بقلبه ولسانه وجوارحه، أو بقلبه ولسانه عند الموت أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها ومنعه من دخول النار بالكلية، فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه، أخرجت منه كل ما سوى الله محبة وتعظيما وإجلالاً ومهابة وخشية وتوكلاً، وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر، وربما قلبتها حسنات، فإن


١ البخاري: التوحيد (٧٤٠٥) , ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٧٥) , والترمذي: الدعوات (٣٦٠٣) , وابن ماجه: الأدب (٣٨٢٢) , وأحمد (٢/٢٥١ ,٢/٥٠٩ ,٢/٥٢٤ ,٢/٥٣٤) .
٢ مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٨٧) , وابن ماجه: الأدب (٣٨٢١) , وأحمد (٥/١٤٨ ,٥/١٦٧ ,٥/١٦٩ ,٥/١٧٢ ,٥/١٨٠) , والدارمي: الرقاق (٢٧٨٨) .
٣ سورة الشّعراء آية: ٨٨-٨٩.

<<  <   >  >>