فبالله صِفْ لي شرك المشركين، هل هو بعينه إلا هذا كما نطق به القرآن في سورة يونس، والزمر [٣] ، وغيرهما من محكمات الفرقان.
١- إن غرّك أنّ الأكثر عليه، فقد حكم الله بأنهم {أَضَلُّ سَبِيلاً} ، [الفرقان، من الآية: ١٤٤] ، من الأنعام، إذ استبدلوا الشرك بالتوحيد، والضلال بالهدى، والكفر بالإسلام، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه فهو السلام.
٢- أو غرّك أنّ بعض مَنْ تعظمه قد رأى شيئًا من هذا أو قاله، فالخطأ جائز على مَنْ سوى الرسول من الأنام. فعليك بالرجوع إلى العصمة الذي لا سبيل إلى تطرق الخطأ إليه، وهو كلام ذي الجلال والإكرام، وسنة رسوله ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ، مع ما قاله العلماء الأعلام، الذين نطقوا بكلمة التوحيد وحققوها بالأعمال والكلام.
ولم يزل الحال على ما وصفنا لك من الأمور العِظام منتشرًا في أهل البلدان المنتسبين إلى الإسلام، المارقين منه كما تمرق الرمية من السهام،
إلى أن أراد الله إزالة تلك الظلمات، وكشف البدع والضلالات، ونفي الشبهات والجهالات، وتصديق بشارة رسول رب الأرض والسموات، في قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"١، رواه أبو داود (٤٢٩١) ، والحاكم (٤/٥٢٢) ، والبيهقي في (المعرفة ٥٢) وإسناده صحيح - على يدي مَن أقامه هذا المقام، ومنحه جزيل الفضل والإنعام، أعني به: الشيخ الإمام خلف السلف الكرام، المتبع لهدي سيد الأنام، المنافح عن دين الله في كلّ مقام، شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ـ أحسن الله له المآب، وضاعف له الثواب ـ، فدعا إلى الله ليلاً ونهارًا، وسرًا وجهارًا، وقام بأمر الله في الدعوة إليه، وما حابى أحدًا فيه ولا دارى، فعظم على الأكثرين وأنفوا استكبارًا، ولم يثنه ذلك عن أمر الله حتى قيض الله له أعوانًا وأنصارًا، فرفعوا ألويته وأعلامه حتى انتشرت في الخافقين انتشارًا.