يقول الشنقيطي -رحمه الله تعالى-: "أهل العلم متفقون على أن مقدمات الجماع كالقبلة والمفاخذة واللمس بقصد اللذة حرام على المحرم، ولكنهم اختلفوا فيما يلزمه لو فعل شيئاً، اختلفوا فيما يلزمه لو فعل شيئاً من ذلك، فمذهب ملك وأصحابه أن كل تلذذ بمباشرة المرأة من قبلة أو غيرها إذا حصل معه إنزال أفسد الحج، هذا مذهب مالك، مذهب مالك أن كل تلذذ بمباشرة من قبلة أو غيرها إذا حصل معه إنزال أفسد الحج، ومذهب أبي حنيفة -رحمه الله- أن التلذذ بما دون الجماع كالقبلة واللمس بشهوة ونحوه يلزمه بسببه دم، وسواء عنده في ذلك أنزل أو لم ينزل، ومذهب الشافعي -رحمه الله تعالى- أنه إن باشر امرأته فيما دون الفرج بشهوة أو قبلها بشهوة أن عليه فدية الأذى، وإن باشر امرأته وهذا مذهب الشافعي فيما دون الفرج بشهوة أو قبلها بشهوة أن عليه فدية الأذى، والاستمناء عنده كالمباشرة فيما دون الفرج، وصحح بعض الشافعية أن عليه شاة، ومذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنه إن وطأ فيما دون الفرج ولم ينزل فعليه دم، وإن أنزل فعليه بدنة، وفي فساد حجه روايتان: إحداهما: إن أنزل فسد حجه، يعني مثل مذهب الإمام مالك، إن أنزل أفسد حجه وعليه بدنة وبها جزم الخرقي، وهي قول عطاء والقاسم بن محمد ومالك وإسحاق، هذه هي الرواية الأولى، الرواية الثانية: إن أنزل فعليه بدنة ولا يفسد حجه، قال ابن قدامة: هذه الرواية هي الصحيحة -إن شاء الله تعالى-؛ لأنه استمتاع لا يجب بنوعه حد فلم يفسد الحج كما لم ينزل؛ ولأنه لا نص فيه ولا إجماع، ولا هو في معنى المنصوص عليه، ثم قال الشنقيطي -رحمه الله تعالى-: وإذا علمت أقوال أهل العلم في جماع المحرم ومباشرته بغير الجماع .. ، تقدم أن إفساد الحج بالجماع قبل الوقوف محل إجماع وبعد الوقوف وقبل التحلل الأول الأئمة الثلاثة يقولون: بأنه يفسد خلافاً لأبي حنفية، ننظر كلام الشيخ -رحمه الله تعالى- يقول: وإذا علمت كلام أهل العلم في جماع المحرم ومباشرته بغير الجماع فاعلم أن غاية ما دل عليه الدليل أن ذلك لا يجوز في الإحرام؛ لأن الله تعالى نص على ذلك في قوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ