يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "يخير بفدية حلق وتقليم، وتغطية رأس، وطيب، ولبس مخيط بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر أو نصف صاع تمر أو شعير أو ذبح شاة" من ارتكب محظوراً بأن حلق أكثر من شعرتين على ما تقدم، أو قلم فوق ظفرين على ما سبق، أو غطى رأسه، أو تطيب، أو لبس مخيطاً، يخير بين ثلاثة أشياء؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام- لكعب بن عجرة:((لعلك آذاك هوام رأسك؟ )) قال: نعم يا رسول الله، قال:((احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك شاة)) متفق عليه، وقد تقدم، و (أو) للتخيير، وهذا في حلق الرأس، وقيس الباقي على حلق الرأس، والمانعون للقياس يمنعون الفدية في هذه الثلاثة، وتفريق المؤلف بين البر وغيره بناء على فعل معاوية في زكاة الفطر وأن البر على النصف من غيره، والصواب عدم التفريق كما هو مذهب أبي سعيد الخدري، وأنه ما زال يخرجها صاعاً كاملاً على عهده -عليه الصلاة والسلام- من البر وغيره.
يقول -رحمه الله-: "وبجزاء صيد بين مثلٍ إن كان" يعني إن وجد "أو تقويمه بدراهم يشتري بها طعاماً فيطعم عن كل مسكين مداً، أو يصوم عن كل مد يوماً، وبما لا مثل له بين إطعام وصيام" يخير بجزاء الصيد بين ثلاثة أمور:
ذبح المثل إن كان له مثل من النعم، ويتصدق به على فقراء الحرم؛ لقوله تعالى:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [(٩٥) سورة المائدة] أو يقوم المثل بمحل التلف أو بقربه بدراهم يشتري بها طعاماً يجزئ في فطرة، فيطعم كل مسكين مداً إن كان الطعام براً وإلا فمدين، وفيه ما تقدم من أنه لا فرق بين البر وغيره.
وتقوم المثل هو المذهب عند الحنابلة والشافعية، وعند مالك أن التقويم للصيد نفسه؛ لأن الصيام بدل عن الصيد فوجب اعتباره بالأصل لا بالبدل، والأقرب الأول؛ لأن المثل هو الواجب أصلاً، فإذا كان هو الواجب أصلاً فالواجب قيمته هو الراجح، إيش معنى هذا الكلام؟ معناه أنه إذا صاد حمامة والحمامة فداؤها شاة هل تقوم الحمامة أو تقوم الشاة إذا لم يجد شاة؟