للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:
فهرس الكتاب كتاب المناسك (١٢) "فإذا صلى الصبح أتى المشعر الحرام فرقاه أو يقف عنده، ويحمد الله ويكبره، ويقرأ: {فإذا أفضتم من عرفات} [(١٩٨) سورة البقرة] ويدعو حتى يسفر، فإذا بلغ محسرا أسرع رمية حجر، وأخذ الحصا، وعدده سبعون، بين الحمص والبندق، فإذا وصل إلى منى وهي من وادي محسر إلى جمرة العقبة رماها بسبع حصيات متعاقبات، يرفع يده اليمنى حتى يرى بياض إبطه، ويكبر مع كل حصاة، ولا يجزئ الرمي بغيرها، ولا بها ثانيا، ولا يقف، ويقطع التلبية قبلها، ويرمي بعد طلوع الشمس، ويجزئ بعد نصف الليل، ثم ينحر هديا إن كان معه، ويحلق أو يقصر من جميع شعره، وتقصر منه المرأة قدر أنملة، ثم فقد حل له كل شيء إلا النساء، ثم يفيض إلى مكة، ويطوف القارن والمفرد بنية الفريضة طواف الزيارة، وأول وقته بعد نصف ليلة النحر، ويسن في يومه وله تأخيره، ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا أو غيره، ولم يكن سعى مع طواف القدوم، ثم قد حل له كل شيء، ثم يشرب من ماء زمزم لما أحب، ويتضلع منه، ويدعو بما ورد".

نعم، لكن الفقهاء لا سيما من الحنابلة والشافعية يربطون الأمر كله بنصف الليل وهذا تقدم، الانصراف من مزدلفة، وعرفنا وجهة نظرهم أن المبيت يطلق على الغالب، ومن جلس في مزدلفة إلى منتصف الليل لا بد أن يزيد على هذا المنتصف ما يعينه على الخروج من مزدلفة، إذا مكث أكثر الليل، والحكم للغالب هذا عندهم، وهذه مضى الكلام فيها بالأمس، لكن هل عليه دليل؟ نعم؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- أذن للضعفة، والظعن من الضعف كما في حديث أسماء، وأسماء كانت ترقب القمر، هنا روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر نساءه وثقله من صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر، وألا يرموا الجمرة إلا مصبحين، وفي حديث ابن عباس أنه مع من أذن له، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له أو قال لهم: ((لا ترموا الجمرة حتى)) إيش؟ تطلع الشمس، لكن الحديث إيش؟ إيش فيه؟ صحيح وإلا ضعيف؟ ضعيف نعم، حديث ابن عباس هذا الذي معنا: كان يأمر نساءه وثقله من صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر، وألا يروموا الجمرة إلا مصبحين، هذا عند البيهقي، وجوّد إسناده الألباني، يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: ظاهر كلام المؤلف أنه يجزئ مطلقاً للقوي والضعيف، والذكر والأنثى، وسبق بيان ذلك، يعني في مسألة الانصراف من مزدلفة، وأنه لا يدفع أحد من مزدلفة إلا بعد أن يصلي الفجر، ما لم يكن ضعيفاً أو صاحب ضعيف، ومع ذلك لو دفع فإنه لا يأثم، والمسألة من باب الأفضلية، ما الذي سهل الأمر على الناس بل على الفقهاء؟ يجيزون للناس أن ينصرفوا بعد منتصف الليل، ولم يقيدوا ذلك بالضعفة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- صلى بالمزدلفة بغلس حين طلع الفجر، وذكر الله ودعا، مكث حتى أسفر جداً ثم انصرف، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) والفقهاء بكل سهولة يقولون: ينصرف بعد منتصف الليل ليرمي بعد منتصف الليل سواء كان قوياً أو ضعيفاً ما يفرقون، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما أذن للضعفة، والإذن للضعفة مفهومه أن غير الضعيف لا يؤذن له، فكلامهم هذا أورث في الناس تساهلاً شديداً تجاه هذه الشعرية، قد يقول قائل: في هذه الأزمان الناس كلهم ضعفة ولو كانوا من حملة الأثقال، من

<<  <  ج: ص:  >  >>