فالصحابة -رضي الله عنهم-، وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب، لما رأوا الناس قد استهانوا بأمر الطلاق، وأرسلوا ما بيدهم منه، ولبسوا على أنفسهم، فلم يتقوا الله في التطليق الذي شرعه لهم، فأخذوا بالتشديد على أنفسهم، ولم يقفوا على ما حد لهم، ألزموهم بما التزموه، وأمضوا عليهم ما اختاروه لأنفسهم من التشديد الذي وسع الله عليهم ما شرعه لهم بخلافه، ولا ريب أن من فعل هذا حقيق بالعقوبة، بأن ينفذ عليه ما أنفذه على نفسه، ولم يقبل رخصة الله وتيسيره ومهلته.
ولهذا قال ابن عباس لمن طلق مئة:«عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، إنك لم تتق الله فيجعل لك مخرجاً. {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً}».
وأتاه رجل، فقال: إن عمي طلق ثلاثاً. فقال:
«إن عمك عصى الله، فأندمه الله، وأطاع الشيطان، فلم يجعل له مخرجاً. فقال: أفلا تحلها له؟ فقال: من يخادع الله يخدعه الله».
وقال سعيد بن جبير: «جاء رجلٌ إلى ابن عباس فقال: إني طلقت