للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنذار المشركين و"تخويفهم بأن يصيبهم من الهلاك ما أصاب من قبلهم، وأنهم كانوا أشدَّ منهم بطشًا ولم يدفع عنهم الهلاكَ شدةُ بطشهم" (١)، و"طمأنةٌ لقلب الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - وقلوب الذين آمنوا معه بأن نصر الله آتٍ لا محالة، كما نصر الله المرسلين السابقين ومَن معهم مِن المؤمنين، مع أن المكذِّبين الأولين كانوا أشدَّ من المعاصرين لتنزيل القرآن قوة وبأسًا" (٢). وفي هذا تأكيد على عدل الله، وجليل حكمته، وكمال قدرته، ودلالةٌ على مشروعيَّة تخويف العصاة والمكذِّبين بالعذاب الإلهي (٣)، والاعتبار بسنة الله - عز وجل - في الإهلاك الجماعي للأمم.

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}: هذه الآية واردةٌ في الحثِّ على التدبُّر في القرآن، و"التفكُّر في تدبر الأحوال التي قضت على الأمم السابقة بالإهلاك؛ ليقيسوا عليها أحوالهم" (٤)، ففيها:

التَّنويه بشأن المؤمنين والتعريض بتمثيل المشركين بمن ليس له قلب وبمن لا يلقي سمعه لأنهم بعداء عن الانتفاع بالذكريات (٥).

وبيان أن "من يؤتى الحكمة وينتفع بالعلم على منزلتين: إما رجل رأى الحق بنفسه فقَبِله واتَّبعه؛ فذلك صاحب القلب، أو رجلٌ لم يعقله بنفسه، بل هو محتاج إلى من يعلمه ويبينه له ويعظه ويؤدبه؛ فهذا أصغى فـ: {أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}، أي: حاضر القلب" (٦)؛ لـ"أنَّ مجرد الإصغاء لا يفيد، ما لم يكن


(١). الفوائد، لابن القيم (ص ١٩).
(٢). معارج التفكر (٣/ ١٢٠).
(٣). أيسر التفاسير، للجزائري (٥/ ١٥٣)
(٤). التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٦/ ٣٢٣). وانظر: التفسير الحديث (٢/ ٢٤٤).
(٥). التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٦/ ٣٢٤).
(٦). مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٩/ ٣١١). وانظر: الفوائد، لابن القيم (ص ٤ - ٥)، ومفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، له (١/ ٤٨٩ - ٤٩٠).

<<  <   >  >>