للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَبْحث الثالث: التدبُّر المَقاصِدي لسورة (ق)

المطلب الأول: مقصد السُّورة.

تُعالج سُورة (ق) -كغيرها من السُّور المكيَّة- موضوعَ المكذبين برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبما جاء به من نبأ البَعْث والحساب، إلا أنها في معالجة البَعْث أظهر (١).

قال البقاعي (ت ٨٨٥ هـ): "مقصودها تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرِّسالة التي معظمها الإنذار وأعظمه الإعلام بيوم الخروج" (٢).

• دلائل المقصد:

١ - آية صريحة في المقصد: قال تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}. والإضراب الانتِقالي من القَسم بالقرآن إلى عرض مقالة المشركين في إنكار النُّبوة وإنكار المعاد، مُشعِرٌ بأهميَّة المنتقل إليه، وأنه محور الكلام.

٢ - مُناسَبة فاتحة السُّورة بخاتمتها: أن السُّورة افتُتحت بالقسم بالقرآن، ثم عرضت شُبهة المشركين في إنكار البَعْث، ثم عقبت الشُّبهة بتقرير قدرة الله في آيات الكون وفي إهلاك المكذبين، وختمت كذلك بتقرير وقوع البَعْث، والأمر بالتذكير بالقرآن، مبيِّنةً بذلك أن القرآن المعجز هو من أوضح أدلة البَعْث، وأن التدبُّر في القرآن من أعظم الطرق الموصلة إلى معرفة الحق.


(١). انظر: مفاتيح الغيب، للرازي (٢٨/ ١٤٥)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٦/ ٢٧٥)، ومعارج التفكر، للميداني (٣/ ١١).
(٢). نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، للبقاعي (١٨/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>