وللهِ بِكْرٌ بنتُ عشرٍ زفَفْتَها ... تُعبِّر عن سحرٍ حَلالٍ وتنطِقُ
تجلَّتْ فجلَّتْ أن يُعارضَ حُسنُها ... وكيف وفيها للمعالي تأنُّقُ
وما هو إلاَّ أن فضضْتُ ختامها ... فهيَّجَ بلبالي إليك التَّشوُّقُ
فيا ليتَ مُرَّ الشوقِ لم تَدْرِ طعمَهُ ... ويا ليتَ هذا البينَ لم يكُ يُخلقُ
فذاكَ للذَّاتِ التَّواصُلِ قاطعٌ ... وهذا لشمل الأقرَبينَ مفرِّقُ
واقترح عليه أبو الغَمر المذكور أن يعارض أربعةً من أشعار الغناء، أولها:
يخُطُّ الشَّوقُ شَخْصَك في ضَميري ... على بُعْدِ التَّزاوُرِ خَطَّ زُورِ
فقال:
ملكتَ الفضلَ يا نَجْلَ ابنِ سَعْدٍ ... فما لكَ في الأكارمِ من نَظيرِ
حُسامكَ حاسمٌ عَدْوَ الأعادي ... ومالُكَ مُذْهِبٌ عُدْمَ الفقيرِ
ووَجهكَ إن تبدَّى في ظلامٍ ... تجلَّى عن سنا قمرٍ مُنيرِ
لِذا سمَّاكَ مَنْ سمَّى هلالاً ... لإشراقٍ حُبيتَ به ونورِ
وثانيها:
أشاقك طيفٌ أخرَ اللَّيل منْ هند ... ضمانٌ عليه أن يزورَ على بُعْدِ
فقال:
حكى دَمْعُها الجاري على صفحَةِ الخدِّ ... نَثيرَ جُمانٍ قد تساقطَ من عِقْدِ
فقلتُ لها ما بالُ دمعِكِ جارياً ... فقالتْ لِما في القلب من ألم الوَجْدِ
ولولا لهيبٌ ظلَّ بين جَوانحي ... يُجفِّفُ دمعي كان كالسيل في المدِّ
وما يُطفئُ الجَمْرَ المضرَّمَ في الحشا ... سوى وصلِ مَوْلانا هلالٍ أبي سَعْدِ
وثالثُها:
أُعانِقُ غُصْنَ البانِ منها تعلُّلاً ... فأُنكرُهُ مَسّاً وأعرفُهُ قدّا