لأجل هذا إذا هبَّتْ طلائعها ... تدرَّعَ النَّهرُ واهتزَّت قنا الشجرِ
هذا يشبه قول ابن عبادة القزَّاز الأندلسي وقيل لغيره:
ألؤلؤٌ دمعُ هذا الغيثِ أم نُقَطُ ... ما كانَ أحسنَهُ لو كانَ يُلتقطُ
بين السَّحابِ وبين البرقِ مَلحمةٌ ... قَعاقِعٌ وظُبًى في الجوِّ تُخترطُ
والرِّيحُ تحملُ أنفاساً مصعَّدةً ... مثلَ العبير بماء الورد يختلطُ
والرَّوضُ ينشرُ من ألوانه زَهَراً ... كما تنشَّرُ بعد الطيّة البُسُطُ
كتب إليه ابن صقلاب مع نثر:
أما والهوَى العُذْرِيّ وهو يمينُ ... عليه من الطرف الكحيل أمينُ
لقد خُضتُ مقداماً حشا كلِّ فَيلقٍ ... ولمَّا تَرُعْني الحربُ وَهْي زَبونُ
وقد حاد عن لُقيا كتابِكَ خاطري ... كما حاد منخوبُ الفؤادِ طعينُ
أفي كلِّ صدرٍ منكَ صدرُ كتيبةٍ ... وفي كلِّ حرفٍ غارةٌ وكمينُ
عجبتُ لفظٍ منك ذاب نحافةً ... ومعناه ضخمٌ ما أردتَ سمينُ
وأعجبُ من هذين أن بيانَهُ ... حياةٌ لأربابِ الهوَى ومَنونُ
زحمتَ به في غُنجها مُقَلَ الدُّمى ... وعلَّمتَ سِحْرَ النفث كيف يكونُ
فأجاب ابن عبد ربّه:
أيا راكباً إنَّ الطَّريق يمينُ ... وحيثُ ترى حيّاً ففيه كمينُ
وإنِّي وإن أفلتُّ منهم فإنما ... نَجَوْتُ وقلبي باللّحاظ طعينُ