وإن يكُن في الخريفِ النخلُ مُختَرَفاً ... فالأرضُ مُربدَّةٌ والجوُّ مأسور
وإن يكُن في الشِّتاء الغيثُ مُنسكباً ... فالأرضُ مُبتلَّةٌ والجوُّ مَقْرور
ما الدَّهر إلاَّ الرَّبيع المُستنير إذا ... أتى الرَّبيعُ أتاكَ النَّوْرُ والنُّورُ
الأرضُ سُندسةٌ والجوُّ لُؤْلُؤَةٌ ... والنَّورُ فَيروزجٌ والماءُ بلّور
مَن شمَّ ريحَ تحيَّاتِ الرِّياضِ يَقُلْ ... لا المسكُ مسكٌ ولا الكافورُ كافور
وكتب أبو بكر مالك ابن حِمير من أهل أَرْيُولة إلى أبي الأصبغ هذا:
رحلتُ وإنَّني من غير زادِ ... وما قدَّمتُ شيئاً للمَعادِ
ولكنّي وثقتُ بجُودِ ربِّي ... وهل يَشقَى المُقِلُّ مع الجَوادِ
فقال في معناه:
رحلتُ بغير زادٍ للمَعادِ ... ولكنَّني نزلتُ على جوادِ
ومَن يرحلْ إلى مولًى كريمٍ ... فما يحتاجُ في سَفَرٍ لزادِ
ولابن شرف في هذا المعنى، وأنشدناه أبو الرَّبيع عن أبي عبد الله:
رحلتُ وكنتُ ما أعددتُ زاداً ... ولا قصَّرتُ في قُوتِ المُقيمِ
فها أنا ذا رحلتُ بغير زادٍ ... ولكنَّني نزلتُ على كريمِ
وذكرتُ أبيات المُصنفي في هذا المعنى:
قالتْ ليَ النَّفسُ أتاكَ الرَّدى ... وأنتَ في بحرِ الخَطايا مُقيمْ
وما ادّخرتَ الزّادَ قلتُ اقصري ... هل يُحملُ الزادُ لدارِ الكريمْ
واخَجْلتا منه إذ جئتُه ... والعبدُ مطلوبٌ بدَينٍ قديمْ
وما أرى يطلبُني قد دَرى ... أنِّيَ محتاجٌ إليه عَديمْ