اللتين قال الله تعالى:{إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ، حتى حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق؛ عدل عمر وعدلت معه بالإداوة، فتبرَّز، ثم أتاني، فسكبت على يديه، فتوضأ، فقلت: يا أمير المؤمنين! من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ قال عمر: واعجباً لك يا ابن عباس! قال: هي عائشة وحفصة. كنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة؛ وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم. قال: وكان منزلي في دار أمية بن زيد بالعوالي. قال: فغضبت يوماً على امرأتي؛ فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟! فوالله؛ إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل! قال: فانطلقت، فدخلت على حفصة، فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قالت: نعم! قلت: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟! قالت: نعم. قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر! أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله؛ فإذا هي قد هلكت؟! لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تسأليه شيئاً، وسليني من مالي ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم (أي: أجمل) وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منك (يريد: عائشة) . قال: وكان لي جار من الأنصار، وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ينزل يوماً وأنزل يوماً، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك. قال: وكنا نتحدث أن غسان تنحل الخيل لتغزونا، فنزل صاحبي يوماً، ثم أتى عشاء، فضرب بابي، ثم نادى، فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم.
فقلت: وما ذاك؟ أجاءت غسان؟ قال: لا؛ بل أعظم من ذلك وأطول؛ طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه!