ومثال الإستقراء في الفقه قولنا: الوتر لو كان فرضا لما أدي على الراحلة، ويستدل به كما سبق في قياس الخلف فيقال: ولم عرفتم أن الفرض لا يؤدي على الراحلة؟ قلنا: باستقراء جزئيات الفرض من الرواتب وغيرها كصلاة الجنازة والمنذورة والقضاء وغيرها، وكذلك يقول الحنفي " الوقف لا يلزم في الحياة لأنه لو لزم لما اتبع شرط الواقف، فيقال له: ولم قلت أن كل لازم فلا يتبع فيه شرط العاقد؟ فيقول: قد استقريت جزئيات التصرفات اللازمة من البيع والنكاح والعتق والخلع وغيرها، ومن جوز التمسك بالتمثيل المجرد الذي لا مناسبة فيه يلزمه هذا، بل إذا كثرت الأصول قوي الظن، ومهما ازدادت الأصول الشاهدة أعني الجزئيات اختلافا كان الظن أقوى فيه، حتى إذا قلنا مسح الراس وظيفة أصلية في الوضوء فيستحب فيه التكرار فقيل: لم؟ فقلنا استقرينا ذلك من غسل الوجه واليدين وغسل الرجلين، ولم يكن معنا إلا مجرد هذا الإستقراء.
وقال الحنفي: مسح فلا يكرر، فقيل: لم؟ فقال: استقريت مسح التيمم ومسح الخف كان ظنه أقوى لدلالة جزئين مختلفين عليه. وأما الأعضاء الثلاثة في الوضوء ففي حكم شاهد واحد لتجانسها، وهي كشهادة الوجه واليد اليمنى واليسرى في التيمم.