الأول ما يمنع الجمع والخلو جميعا كقولنا العالم إما حادث أو قديم، فإنه يمنع إجتماع القدم والحدوث والخلو من أحدهما أي لا يجوز كلاهما، ويجب أحدهما لا محالة.
والثاني ما يمنع الجمع دون الخلو. كما إذا قال قائل هذا حيوان وشجر، فتقول هو إما حيوان وإما شجر أي لا يجمتعان جميعا وإن جاز إن يخلو عنهما بأن يكون حمارا مثلا.
والثالث: مايمنع الخلو ولا يمنع الجمع كما إذا أخذت بدل أحد الجزئين لازمه لا نفسه، بأن قلت مثلا إما أن يكون زيد في البحر وأما ألا يغرقن فإن هذا يمنع الخلو ولا يمنع الجمع إذ يجوز أن يكون في البحر ولا يغرق، ولا يجوز أن يخلو من أحد القسمين، وسببه أنك أخذت نفي الغرق الذي هو لازم كونه في البر وهو أعم منه، فإن الذي في البحر وإما أن يكون في البر، فكان يمتنع به الجمع والخلو جميعا، ولكن عدم الغرق لازم لكونه في البر ثم ليس مساويا بل هو أعم فلم يبعد أن يتناول كونه في البحر فيؤدي إلى الإجتماع. فهذه أمور متشابهة لا بد من تحقيق الفرق بينها، فلا معنى لنظر العقل إلا درك انقسام الأمور المتشابهة في الظاهر، ودرك إجتماع الأمور المفترقة في الظاهر، فإن الأشياء تختلف في أمور وتشترك في أمور، وإنما شأن العقل أن يميز بين مايشترك فيه وما يفترق فيه، وذلك بهذه التقسيمات التي نحن في سياقها، فهذا وجه قسمة القضايا باعتبار أجزائها في الحل والتركيب إلى أصنافها من الحمل والإتصال والإنفصال.