أن كل طاعة تفتقر إلى نية من حيث ان الطاعة لازمة للصلاة وليس كذلك، فإن أصل الإيمان ومعرفة الله تعالى طاعة، ويستحيل إفتقارها إلى نية لأن نية التقرب إلى المعبود لا تتقدم على معرفة المعبود، وهذا أيضا كثير التغليط في العقليات والفقهيات، وأسباب الأغاليط مما يعسر إحصاؤها، وفيما ذكرناه تنبيه على ما لم نذكره.
فإذن مجموع ما ذكرناه من أصناف هذه المقدمات التي سميناها عشرة: أربعة من القسم
الأول وثلاثة من القسم الثاني، وهي مواد الفقهيات، وثلاثة من القسم الأخير وقد ذكرنا حكمها. فإن قال قائل: فبماذا تخالف العقليات الفقهيات؟ قلنا: لا مخالفة بينهما في صورة القياس وإنما يتخالفان في المادة ولا في كل مادة، بل ما يصلح أن يكون مقدمة في العقليات يصلح للفقهيات، ولكن قد يصلح للفقهيات ما لا يصلح للعقليات كالظنيات، وقد يؤخذ ما لا يصلح لهما جميعا كالمشبهات والمغلطات كما يتخالفان في كيفية ما به تصير المقدمة كلية، فإن المقدمات الجزئية في الفقه يتسامح بجعلها كلية، وإنما يدرك ذلك من أقوال صاحب الشرع وأفعاله، وأقوال أهل الإجماع وأقوال آحاد الصحابة أن رؤى ذلك من العقليات ما هو صريح في لفظه بين في طريقه، كالفظ الصريح المسموع من الشارع أو المنقول بطريق التواتر، فإن المتواتر كالمسموع.