فإن قيل: فلو سهى ساهي او تعمد متعمد فطول الحد بذكر حد الجنس القريب بدل الجنس القريب، أوزاد على بعض الفصول الذاتية شيئا من الأعراض واللوازمن او نقص بعض الفصول فهل يفوت مقصود الحد كما يفوت مقصود القياس بالخطأ في صورته؟ قلنا: الناظرون إلى ظواهر الأمور ربما يستعظمون الأمر في مثل هذا الخطأ، والأمر أهون مما يظنون مهما لاحظ الإنسان مقصود الحد، لأن المقصود تصور الشيء بجميع مقوماته مع مراعاة الترتيب بمعرفة الأعم والأخص، بإيراد الأعم أولا وإردافه بالأخص الجاري مجرى الفصول، وإذا حفظ ذلك فقد حصل العلم التصوري المفصل المطلوب.
أما النقصان بترك بعض الفصول فإنه نقصان في التصور. وأما زيادة بعض الأعراض فلا يقدح فيما حصل من التصور الكامل، وقد ينتفع به في بعض المواضع في زيادة الكشف والإيضاح. وأما إبدال الذاتيات باللوازم والعرضيات فذلك قادح في كمال التصور، فليعلم مبلغ تأثير كل واحد في المقصود، ولا ينبغي أن يجمد الإنسان على الرسم المعتاد المألوف في كل أمره وينسى غرضه المطلوب، فأذن مهما عرف جميع الذاتيات على الترتيب حصل المقصود، وأن زيد شيء من الأعراض أو أخذ حد الجنس القريب بدل الجنس.
[الفصل الثالث]
في ترتيب طلب الحد بالسؤال، والسائل عن الشيء بقوله: ما هو؟ لا يسأل إلا بعد الفراغ عن مطلب هل، كما أن السائل بلم لا يسأل إلا بعد الفراغ عن مطلب هل، فإن سأل عن الشيء قبل اعتقاد وجوده وقال: ما هو؟ رجع إلى طلب