بريا عن مقارنة ريب وشك، كحكمة في إبتداء فطرته بإستحالة وجود موجود لا إشارة إلى جهته، وأن موجودا قائما بنفسه لا يتصل بالعالم ولا ينفصل عنه، ولا يكون داخل العالم ولا خارجه محال، وهذا يشبه الأوليات العقلية مثل القضاء بان الشخص الواحد لا يكون في مكانين في آن واحد، والواحد أقل من الإثنين، وهي أقوى من المشهورات التي مثلناها بأن العدل جميل والجور قبيح، وهي مع هذه القوة كاذبة مهما كانت في أمور متقدمة على المحسوسات أو أعم منها، لأن الوهم إنس بالمحسوسات فيقضي لغير المحسوس بمثل ما ألفه في المحسوس.
وعرف كونه كاذبا من مقدمات يصدق الوهم بآحادها لكن لا يذعن للنتيجة، إذ ليس في قوة الوهم إدراك مثلها وهذا أقوى المقدمات الكاذبة، فإن الفطرة الوهمية تحكم بها حسب حكمها في الأوليات العقلية، ولذلك إذا كانت الوهميات في المحسوسات كانت صادقة يقينية وصح الإعتماد عليها كالإعتماد على العقليات المحضة وعلى الحسيات.
[القسم الثاني]
ما يشبه المظنونات وإذا بحث عنه أمحى الظن كقول القائل: ينبغي أن تنصر أخاك ظالما كان أو مظلوما، وهو أيضا يشبه المشهورات. وقد يكون ما يشبه المشهورات أو المظنونات مما يتوافق عليه الخصمان في المناظرات من المسلمات، إما على سبيل الوضع وإما على سبيل الإعتقاد، ولكن إذا تكرر تسليمها على أسماع الحاضرين يأنسون بها وتميل نفوسهم