المستقبل أو لم يكن للمعاقب مصلحة فهو أيضا قبيح، والله قادر على إفاضة النعم على الخلق من غير إيلام، ومن غير تكليف وإلزام، فايذاؤهم بالتكليف أولا وبالعقوبة آخرا أحرى بأن يكون قبيحا مما ذكروه، وجعلوه قبيحا من إيلام البريء عن الجنايات.
[السبب الثاني]
ما جبل عليه الإنسان من الحمية والأنفة، ولأجله يحكم باستقباح الرضا بفجور امرأته، ويظن أن هذا حكم ضروري للعقل مع أن جماعة من الناس يتعودون إجارة أزواجهم ليألفوا ذلك ولا ينفروا عنه، بل جميع الزناة يستحسنون الفجور بمرأة الغير ولا يستقبحونه لموافقة شهواتهم، ويستقبحون من ينبه الأزواج عليه ويعرفهم فعل الزناة، ويزعمون أن ذلك غمز وسعاية ونميمة، وهو في غاية القبح. وأهل الصلاح يقولون: هو خيانة وترك الأمانة؛ فتتناقض أحكامهم في الحسن والقبح ويزعمون أنها قضايا العقل، وإنما منشأها هذه الأخلاق التي جبل الإنسان عليها.
[السبب الثالث]
محبة التسالم والتصالح والتعاون على المعايش، ولذلك يحسن عندهم التودد بإفشاء السلام وإطعام الطعام ويقبح لديهم السب والتنفير ومقابلة النعمة بالكفران وأمثاله،