إعلم أن قول القائل في الشيء ما هو طلب لماهية الشيء، ومن عرف الماهية وذكرها فقد أجاب. والماهية إنما تتحقق بمجموع الذاتيات المقومة للشيء، فينبغي أن يذكر المجيب جميع الذاتيات المقومة للشيء حتى يكون مجيبا، وذلك بذكر حده فلو ترك بعض الذاتيات لم يتم جوابه. فإذا أشار إلى خمر وقال ما هو؟ فقولك شراب ليس بجواب مطابق لأنك أخللت ببعض الذاتيات وأتيت بما هو الأعم، بل ينبغي أن تذكر المسكر. وإذا أشار إلى إنسان وقال: ما هو؟ قتقول: إنه إنسان؛ فإن قال: ما هو الإنسان؟ فجوابك: إنه حيوان ناطق مائت؛ وهو تمام حده، والمقصود إنه يجب أن تذكر ما يعمه وغيره وما يخصه، لأن الشيء هو بإجتماع ذلك وبه تتحصل ذاته، فإذا ثبت هذا الأصل فالمذكور في جواب ما هو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها هو بالخصوصية المطلقة وذلك بذكر الحد لتعريف ماهية الشيء المذكور كما إذا قيل لك: ما الخمر؟ فتقول: شراب مسكر معتصر من العنب، وهذا يختص بالخمر ويطابقه ويساويه فلا هو أعم منه ولا هو أخص منه، بل ينعكس كل واحد منهما على الآخر وهو مع المساواة جامع لجميع الذاتيات المقومة من الجنس والفصول، وهكذا نسبة كل حد لشيء إلى إسمه.