للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن افترقتا في أن هذه تنفر وتلك تأنس، وإن هذه فأرة وتيك هرة، ولكن الإشتراك فثي وصف أضيف إليه الحكم أحرى باقتضاء الإشتراك فيه (في الحكم) من الإفتراق في وصف لم يتعرض له في اقتضاء الإفتراق. وكذا قوله في بيع الرطب بالتمر: أينقص الرطب إذا جف؟ فقيل: نعم. فقال: فلا تبيعوا. فهو إذن أضاف بطلان البيع في الرطب إلى النقصان المتوقع، فيقاس عليه العنب للإشتراك في توقع النقصان. ولا يمنع جريان السؤال في الرطب عن الحاق العنب به، وإن كان هذا عنبا، وذلك رطبا، لأن هذا الإفتراق افتراق في الإسم والصورة والشرع، كثير الإلتفات إلى المعاني، قليل الإلتفات إلى الصور والأسامي. فعادة الشرع ترجح في ظننا التشريك في الحكم، عند الإشتراك في المضاف إليه ذلك الحكم، وتحقيق الظن في هذا دقيق، وموضع إستقصائه الفقه.

الثاني: أن يكون ما فيه الإجتماع مناسبا للحكم، كقولنا: النبيذ مسكر فيحرم كالخمر. فإذا قيل: لم قلتم: المسكر يحرم؟ قلناك لأنه يزيل العقل، الذي هو الهادي إلى الحق، وبه يتم التكليف؛ فهذا مناسب للنظر في المصالح فيقال: لا يمتنع ان يكون الشرع قد راعى سكر ما يعتصر من العنب على الخصوص تعبدا، أو أثبت التحريم لا لعلة السكر، بل تعبدا في خمر العنب من غير التفات إلى السكر، فكم من الأحكام التي هي تعبدية غير معقولة، فيقول: نعم هذا غير ممتنع،

<<  <   >  >>