للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى نزل ترك الإستفصال مع إمكان الإشكال منزلة عموم المقال، حتى إن لم يعرف أنه كان حرا أو عبدا كان هذا كالعوم في حق الحر والعبد، وإن عرف كونه حرا فالعبد ينبغي أن يتكلف الحاقه بان يظهر أنه لا يؤثر الرق بدفع موجبات العبادات، وإنما نزلنا هذا منزلة العام لأنه قد قال حكمي في الواحد حكمي في الجماعة.

ولو كنا عرفنا من عاداته أنه يخصص كل شخص بحكم يخالف الآخر لما أقمنا هذا مقام العام، كمن يعلم من أصحاب الظواهر أن المراد بالجزئيات المذكورة في الربويات نفس تلك الجزئيات، ولهذا مزيد تفصيل لا يحتمله هذا الكتاب.

وقد بينا عند النظر في صورة القياس، إن الحكم الخاص الجزئي إنما يجعل كليا بستة طرق، وهو بيان أن ما به الإفتراق ليس بمؤثر، وإن ما به الإجتماع هو المناسب أو المؤثر ليكون مناطا، وهو أبلغ في الكشف عن الغرض، وذلك لأن من الجزئيات ما يعلم أن المراد منها كلي، ومنها ما لا يعلم ذلك كمن لم يعلم من أصحاب الظواهر أن المراد بالجزئيات الست المذكورة في الربويات أمر أعم منها، وعرف كافة النظار أن المراد بالبر ليس هو البر بل معنى أعم منه، إذ بقي ربا البر بعد الطحن إذ صار دقيقا وفارقه إسم البر، فعلم أن المراد به وصف عام كلي اشترك فيه الدقيق والبر، ولكن الكلي العام قد يعرف بالبديهة من غير تأمل، كمعرفتنا بان المحرم هو التبرم العام دون التأفف الخاص، وقد يشك فيه كالبر، فإن الدقيق والبر يشتركان في كليات مثل الطعم والإقتيات والكيل والمالية، وإذا وقع الشك فيه لم يمكن إثباته إلا بأحد الطرق الستة التي ذكرناها، والله أعلم.

<<  <   >  >>