حتى إذا صح قولنا كل إنسان حيوان صح قولنا لا محالة بعض الحيوان إنسان. وليس كذلك فإنا نقول: كل شيخ قد كان شابا ولا نقول بعض الشبان قد كان شيخا، وكل خبز فقد كان برا ولا نقول بعض البر قد كان خبزا فنقول: مثار الغلط ترك الشرط في العكس، فإنه إذا أدخل بين الموضوع والمحمول قولنا قد كان، فإما أن يراعي في العكس وإما أن يلغى من كلتا القضيتين، فإن الغي هذا كذبت المقدمتان جميعا، وهو أن نقول كل شيخ حدث وكل حدث شيخ، وهو موضوع ومحمول مجرد، فإذا قلت: كل شيخ فقد كان شابا فعكسه بعض من كان شابا شيخ، وذلك مما يلزم لا محالة أن صدق الأول، فمن لم يتفطن لمثل هذه الأمور يضل فيحكم بلزوم الضلال في نفسه ويظن إلاّ طريق إلى معرفة الحق.