للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقريب والبعيد والأسود والبيض والأصغر والأكبر إشتراكا واحدا، فإذن عندك قوة يحضرها الإنسان مقترنا بامور غريبة عن الإنسانية، ولا يتصور أن تحضرها إلامقرونة بهذه الأمور الغريبة فتسمى تلك القوة حسا وخيالا، وعندك قوة أخرى يحضرها الإنسان مجردا عن الأمور الغريبة، وإن فرضت أضدادها لم تؤثر فيه وتسمى تلك قوة عاقلة، فقد ظهر لك أن بين إدراك الحس للشخص المعين الذي تكتنفه أعراض غريبة لا تدخل في ماهيته، وبين إدراك العقل بمجرد ماهية الشيء غير مقرون بما هو غريب عنه، غاية التباعد والأحكام الكلية على الماهية الكلية المجردة عن المواد والأعراض الغريبة.

فإنقيل: وكيف حصل بمشاهدة شخص جزئي علم كلي؟ وكيف أعان الحس على تحصيل ما ليس بمحسوس؟ قلنا: الحس يؤدي إلى القوة الخيالية مثل المحسوسات وصورها حتى يرى الإنسان شيئا، ويغمض عينيه فيصادف صورة الشيء حاضرة عنده على طبق المشاهد، حتى كأنه ينظر إليه بالقوة الخيالية غير قوةالحس، وليست هذه القوة لكل الحيوانات بل من الحيوانات ما تغيب صورة المحسوس عنه بغيبة المحسوس، وإنما بقاء هذه الصور بالقوة الحافظة لما انطبع في الخيال، إذ ليس يحفظ الشيء ما يقبله بالقوة التي تقبله إذ الماء يقبل النقش ولا يحفظه، والشمع يقبل ويحفظ، فالقبول بالرطوبة والحفظ باليبوسة. ثم هذه المثالات والصور إذا حصلت في القوة الخيالية، فالقوة الخيالية

<<  <   >  >>