كان غريبا من العلم. فإن قيل: فهل يجوز أن يكون المحمول في المقدمتين ذاتيا بالمعنى الأول؟ قلنا: لا، لأنه إن كان كذلك تكون النتيجة معلومة، فإذا قلنا: الإنسان حيوان والحيوان جسم فالإنسان جسم، كان العلم بالنتيجة غير مطلوب فإن منعرف الإنسان فقد عرف جميع أجزاء حده وهو الجسم والحيوان.
نعم لا يبعد أن لا يكون كل واحد ذاتيا بالمعنى الثاني، بل إن كان أحدهما ذاتيا بالمعنى الثاني كفى، سواء كان هي الصغرى أو الكبرى.
فإن قيل: فلم قلتم أن الذاتي بالمعنى الأول لا يكون مطلوبا، ونحن نطلب العلم بأن النفس جوهر أم لا، والجوهرية للنفس ذاتية إذ منعرف النفس فيعرف كونه جوهرا إن كان جوهرا؟ قلنا: من عرف النفس لم يتصور منه طلب كونه جوهرا، إذ معرفة جوهريته سابقة على المعرفة به، لكنا إذا طلبنا أن النفس جوهر أم لا لم يكن عرفنا من النفس إلا أمرا عارضا له وهو المحرك والمدرك، ويكون ذلك مثل الأبيض للثلج، والمطلوب جنس المعروض له وهو غير مقوم لماهية العارض، أعني الجوهرية ليس مقوما للمدرك والمحرك تقويم الذاتيات، وكذلك كلما حصل عندنا خياله أو إسمه لا حقيقته، أمكن أن نطلب جنس ذلك حصل لنا إسمه أو خياله، فأما على غير هذا الوجه فلا يمكن.