وكونها موجودة بالفعل واجب بعد الوجود، ومهما قدر الفاعل والمادة موجودا لم يلزم وجود الشيء في كل حال كالنجار والخشب والأب والنطفة والبايع والمبيع، ومهما وجدت الغاية بالفعل لزم وجود الشيء كالحل في النكاح والصلوح للإكتنان والجلوس في البيت، والشيء بهذه الجهات الأربع يختلف في هذا المعنى، ثم كل واحدة من هذه العلل إما بعيدة كإسلام المرأة للزوج عند ملك الزوج نصف الصداق، فإنه علة الصداق، والصداق هوالعلة القريبة للتسليم، وإما بالقوة كالإسكار للخمر قبل الشرب، وإما بالفعل كما في حال الشرب، وإما خاصة كالزنا للرجم، وإما عامة كالجناية للرجم أو العقوبة، وأما بالذات وهو المسمى علة عند الفقهاء كالزنا للرجم، وإما بالعرض كالإحصان له وهو الذي يسمى شرطا، فإن الرجم لا يجب إلا بالإحصان، وهي خصال كمال ولكن يعمل عمل العلة عنده، كما لو أرسلت الدعامة من تحت السقف فنزل فيقال نزوله بعلة الثقل، ولكن عند إشالة الدعامة فإن للهوى شرطا، وهو فراغ جهة الأسفل عن جسم صلب لا ينخرق. وأمثلة هذا في المعقولات كثيرة، فلذلك اقتصرنا على الأمثلة الفقهية، والمقصود أن المعلل في الفقه والمعقول إذا توجهت المطالبة عليه بالعلة، ينبغي أن يذكر العلة الخاصة القريبة التي بالفعل حتى تقطع المطالبة بلم، وإلا فيكون الطلب قائما.