أحدهما إن ما ليس بحد ولا هو ذاتي مقوم كيف صار أعرف من الذاتي المقوم، وكيف يتصور أن تعرف من الإنسان أنه ضحاك أو ماش ولا يعرف أنه جسم وحيوان. الثاني أن الأكبر بهذا الأوسط إن كان محمولا مطلقا وليس بحد فليس يلزم منه إلا كونه محمولا للأصغر، ولا يلزمه كونه حدا، وإن كان حدا فهو محال إذ حد الخاصية والعرض لا يكون حد موضوع الخاصية والعرض، فليس حد الضاحك هوبعينه حد الإنسان، وإن قيل: إنه محمول على الأوسط على معنى انه حد موضوعه، فهذه مصادرة على المطلوب، فقد تبين أن الحد لا يكتسب بالبرهان. فإن قيل: بماذا يكتسب وما طريقه؟ قلنا: طريقه التركيب وهو أن نأخذ شخصا من أشخاص المطلوب حده بحيث لا ينقسم، وننظر من أي جنس من جملة المقولات العشر، فنأخذ جميع المحمولات المقومة لها التي في ذلك الجنس ولا يلتفت إلى العرض واللازم، بل يقتصر على المقومات ثم يحذف منها ماتكرر ويقتصر من جملتها على الأخير القريب، وتضيف إليه الفصل فإن وجدناه مساويا للمحدود من وجهين فهو الحدن ونعني بأحد الوجهين الطرد والعكس، والتساوي مع الإسم في الحمل. فمهما ثبت الحد انطلق الإسم، ومهما انطلق الإسم حصل الحد.
ونعني بالوجه الثاني المساواة في المعنى، وهو أن يكون دالا على كمال حقيقة الذات لا يشذ منها شيء، فكم من ذاتي متميز ترك بعض فصوله فلا يقوم ذكره في النفس صورة للمحدود مطابقة لكمال ذاته، وهذا مطلوب الحدود، وقد ذكرنا وجه ذلك. ومثال طلب الحد إنا إذا سئلنا عن حد الخمر فنشير إلى خمر معينة ونجمع صفاته المحمولة عليه، فنراه أحمر يقذف بالزبد، فهذا عرضي فنطرحه ونراه ذات رائحة حادة ومرطبا للشرب، وهذا لازم فنطرحه