فأما وجود هذا الشيء على هذا الوجه فيعرف بالبرهان، فإن دل على وجوده كان حدا بحسب الذات، وإن لم يدل عليه بل دل على أن الجن المراد في الشرع الموصوف بوصفه أمر آخر، أخذ هذا شرحا للإسم في تفاهم الناس، وكما نقول في حد الخلا: إنه بعد يمكن ان يفرض فيه أبعاد ثلاثة، قائم لا في مادة، من شأنه أن يملأه جسم ويخلو عنه.
وربما يدل الدليل على أن ذلك محال وجوده، فيؤخذ على انه شرح للإسم في إطلاق النظار. وإنما قدمنا هذه المقدمة لتعلم أن ما نورده من الحدود شرحا لما أراده الفلاسفة بالإطلاق، لا حكم بأن ماذكروه هو ما ذكروه، فإن ذلك ربما يتوقف على النظر في موجب البرهان عليه.
والمستعمل في الإلهيات خمسة عشر لفظا وهو: الباري تعالى المسمة بلسانهم المبدأ الأول، والعقل، والنفس، والعقل الكلي، وعقل الكل، والنفس الكلية، ونفس الكل، والملك، والعلة، والمعلول، والإبداع، والخلق، والأحداث، والقديم. أما الباري عز وجل فزعموا أنه لا حد له ولا رسم له، لأنه لا جنس له ولا فصل له ولا عوارض تلحقه.
والحد يلتئم بالجنس والفصل والرسم بالجنس والعوارض الفاصلة، وكل ذلك تركيب ولكن له قول يشرح اسمه، وهو أنه