(الحادث) حتى يتكلفوا لانفسهم وجها فى اطلاق اللفظ، بل ينكر عليهم ترك اعتقاد محل الحدوث، وإن وجود العالم ليس مسبوقا بعدم، وإذا لم يعتقد ذلك فالأسامي لا تغني ولا مشاحة فيها، والعجب أنهم يقولون: إنا باعتقاد حدوث العالم أولى؛ فإنا نقول: المعلول حادث في كل زمان، فوصف الحدوث له ثابت عندهم الدهر كله، وعندكم في حالة واحدة، وإن كان المفهوم من الحدوث ما ذكروه فهو أحق به إلا أن المفهوم من الحدوث ما ذكرناه، وقد نفوه وأطلقوا اللفظ على أمر آخر يستمر في جميع الأزمنة، وطريق بطلانه ذكرناه في تهافت الفلاسفة.
وأما القبل فإنه إسم مشترك في محاورات النظار والجماهير، إذ يطلق وتراد القبلية بالطبع كما يقال الواحد قبل الإثنين، وذلك في كل شيء لا يمكن أن يوجد الآخر إلا وهو موجود، ويوجد هو وليس الآخر بموجود، فما يمكن وجوده دون الآخر فهو قبل الآخر، وذلك الآخر، قد يقال له بعد وكأنه مستعار ومجاز، بل القبلية الظاهرة المشهورة هي القبلية الزمانية، وأمرها ظاهر، ويقال قبل للتقدم في المرتبة كتقدم الجنس على النوع بالإضافة إلىالجنس الأعلى، وقد يكون بالنسبة إلى شيء معين كما يقال الصف الأول قبل الصف الثاني، إذا صار المحراب هو المنسوب، ولو نسب إلى باب المسجد ربما كان الصف الأخير موصوفا بالقبلية، وقد يقال قبل بالشرف كما يقال محمد صلى الله عليه وسلم قبل موسى، وقبل أبي بكر وعمر وقد يقال قبل للعلة بالإضافة إلى المعلول مع أنهما في الزمان معا وفي كونهما بالقوة أو بالفعل يتساويان، ولكن من حيث أن لأحدهما الوجود غير