والحاصل أن كل ممكن بذاته فهو واجب بغيره، فالممكن أن اعتبرت علته وقدر وجودها كان واجب الوجود، وإن قدر عدم علته كان ممتنع الوجود، وإن لم يلتفت إلى علته لا باعتبار العدم ولا باعتبار الوجود كان له في ذاته المعنى الثالث، وهو الإمكان، فإذن كل ممكن فهو ممتنع وواجب أي ممتنع عند تقدير عدم العلة، فيكون ممتنعا بغيره لا لذاته أو ممكنا من حيث ذاته إذا لم تعتبر معه علته نفيا وإثباتا، وليس الجمع بين هذه الأمور متناقضا، بل نزيد عيه فنقول: الممتنع أيضا منقسم إلى ممتنع لذاته وإلى ممتنع لغيره، فإجتماع السواد والبياض ممتنع لذاته، وكون السلب والإثبات في شيء واحد صادقا ممتنعا لذاته، وفرض القيامة اليوم، وقد علم الله تعالى أنه لا يقيمها اليوم مستحيل، ولكن لا لذاته كاستحالة الجمع بين البياض والسواد، ولكن لسبق علم الله بأنه لا يكون وإستحالة كون العلم جهلا، فكان امتناعه لغيره لا لذاته.
الثالث أنه لا يجوز أن يكون شيئان كل واحد منهما واجب الوجود لصاحبه،