القسمة الرابعة في نسبة بعض المعاني إلى بعض إعلم أنك تقول: هذا الإنسان أبيض وهذا الإنسان حيوان، وهذا الإنسان ولدته أنثى، فقد حملت عليه البياض والحيوانية والولادة وجعلته موصوفا بهذه الأوصاق الثلاثة، ونسبة هذه الثلاثة إليه متفاوتة: فإن البياض يتصور ان يبطل من الإنسان ويبقى إنسانا فليس وجوده شرطا لإنسانيته ولنسم هذا عرضيا مفارقا.
وأما الحيوانية فضرورية للإنسان، فإنك إن لم تفهم الحيوان وامتنعت عن فهمه لم تفهم الإنسان بل مهما فهمت الإنسان فقد فهمت حيوانا مخصوصا، فكانت الحيوانية داخلة في مفهومك بالضرورة ويلقب هذا بلقب آخر للتمييز وهو الذاتي المقوم. وأما كونه مولودا من أنثى وكونه متلونا مثلا فليس نسبته إليه كنسبة الحيوانيةن إذ يجوزن أن يحصل في العقل معنى الإنسان بحده وحقيقته مع الغفلة عن كونه مولودا، أو مع اعتقاد أنه ليس بمولود خطأ، فليس من شرط فهم الإنسان الإمتناع عن اعتقاد كونه غير مولود، ومن شرطه الإمتناع عن اعتقاد كونه غير حيوان.