للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائل: فالموجود والشيء أعم من الجسم والحيوان فهل تسمونه جنسا؟ قلنا: لا حجر في التسميات والإصطلاحات بعد فهم المعاني، والأولى في الإصطلاحات النزول على عادة من سبق من النظار، وقد خصصوا إسم الجنس بمعنى داخل في الماهية يجوز أن يجاب به عن سؤال السائل عن الماهية، فيذكر في جواب ما هو، وإذا أشير إلى الشيء وقيل ما هو، لم يحسن ان يقال أنه موجود أو شيء بل الوجود كالعرضي بالإضافة إلى الماهية المعقولة، إذ يجوز أن تحصل ماهية الشيء في العقل مع الشك في أن تلك الماهية هل لها وجود في الأعيان أم لا، فإن ماهية المثلث أنه شكل يحيط به ثلاثة أضلاع، ويجوز أن يحصل في نفوسنا هذه الماهية ولا يكون للمثلث وجود، ولو كان الوجود داخلا في الماهية مقوما لحقيقة الذات لما تصور فهم المثلث وحصول ماهيته في العقل مع عدمه، فكمالا يتصور أن تحصل صورة الإنسان وحده في العقل إلا أن يكون كونه موجودا حاضرا في العقل، إن كان الوجود مقوما للذات كالحيوانية للإنسان والشكلية للمثلث، وليس الأمر كذلك. وعلى الجملة وجود الشيء أما في الأعيان فيستدعي حضور جميع الذاتيات المقومة، وأما في الأذهان وهو مثال الوجود في الأعيان مطابق له وهو معنى العلم إذ لا معنى للعلم بالشيء إلا بثبوت صورة الشيء وحقيقته ومثاله في النفس، كما تثبت صورة الشيء في المرآة مثلا إلا أن المرآة لا تثبت فيها إلا أمثلة المحسوسات، والنفس مرآة تثبت فيها أمثلة المعقولات فيستدعي حضور

<<  <   >  >>