ومقصود هذا التقسيم منع الخلو فالسلب له هوالذي يسلب منع الخلو ويشير إلى إمكانه.
فإن قال قائل: قولنا زيد غير بصير سالبة أو موجبة؛ فإن كانت موجبة فما الفرق بينه وبين قولنا زيد ليس بصيرا؛ وإن كانت سالبة فما الفرق بينه وبين قولنا زيد ليس بصيرا؛ وإن كانت سالبة فما الفرق بينه وبين قولنا زيد أعمى وهي موجبة: ولا معنى لقولنا غير بصير إلا معنى هذا الإيجاب، ولذلك لا يتبين في الفارسية فرق بين قولنا: زيد كوراست " وبين قولنا " زيد نابيناست " وكذا قولنا " زيد نادانست " إذ المفهوم منه أنه جاهل والصيغة صيغة النفي.
قلنا: هنا موضع مزلة قدم والإعتناء ببيانه واجب، فإن من لا يميز بين السالب والموجب كثر غلطه في البراهين، فإنا سنبين أن القياس لا ينتظم من مقدمتين سالبتين بل لا بد أن يكون إحداهما موجبة حتى ينتج. ومن القضايا ما صيغتها صيغة السلب ومعناها معنى الإيجاب فلا بد من تحقيقها؛ فنقول: قولنا زيد غير بصير قضية موجبة كترجمته بالفارسية، وكأن الغير مع البصير جعلا شيئا واحدا وعبر به عن الأعمى، فالغير بصير بجملته معنى واحدا يوجب مرة فيقال زيد غير بصير، ويسلب أخرى فيقال زيد ليس غير بصير، ولنخصص هذا الجنس من الموجبة باسم آخر، وهو المعدولة أو غير المحصلة وكأنها عدل بها عن قانونها فابرزت في صيغة سلب وهي إيجاب، وتصير حرف السلب مع المسلوب ككلمة واحدة كثير في الفارسية، مثل " نادان ونابينا وناتوان " بدل عن الأعمى والجاهل والعاجز. وإمارة كونها موجبة في الفارسية إنها تردف بصيغة الإثباتت، فيقال فلان: " نابيناست " وإذا سلبت قيل " بينانيست " فيكون الحكم بصيغة السلب، وكانت المطابقة بين اللفظ والمعنى في اللغة تقتضي ثلاثة ألفاظ في كل قضية: واحد للموضوع وواحد للمحمول، وواحد لربط المحمول بالموضوع كما في الفارسية، مثل " نادان ونابينا وناتوان " بدل عن الأعمى والجاهل والعاجز. وإمارة كونها موجبة في الفارسية إنها تردف بصيغة الإثبات، فيقال فلان " نابيناست "