١٥ - وقال الدكتور توفيق - أيضًا -: «إنَّ ولوع المتقدمين بجمع روايات الحديث مدعاة إلى وقوع التضارب والاختلاف فيها».
قلنا بالعكس بل هو ادَّعَى إلى حفظها وصيانتها لأنَّ من وقف على قراءة شيء من أخبار اولئك الأخيار العدول الذين انقضت أعمارهم في هذا السبيل، إذ كان يمشي الواحد منهم الشهر والشهرين والأكثر متنقلاً بين الأقطار والمدن لطلب الحديث الواحد، قال سعيد بن المسيب:«كُنْتُ أَرْحَلُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِي فِي طَلَبِ الحَدِيثِ الوَاحِدِ».
مع العلم أنَّ ولوع المتقدمين بجمع الروايات ورواية الحديث الواحد بطرق متعددة وبأسانيد مختلفة أكبر مدافع لدعوى التضارب والاختلاف فيها.
١٦ - قالوا: كيف نقبل الأحاديث ونعتبرها صحيحة وقد بلغ عددها أكثر من سبعمائة ألف، ألم يكن للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شغل شاغل إلاَّ الكلام فقط؟.
وأضاف بعضهم: إنَّ الأحاديث الموجودة بين أيدينا لا تصل إلى مائة ألف، فأين بقية الرصيد المُدَّعَى؟.
أما الأستاذ أحمد أمين فاتخذ من كثرة الحديث دليلاً على كثرة الوضع حيث قال:« ... وأن البخاري وكتابه يشتمل على سبعة آلاف حديث منها نحو ثلاثة آلاف مُكَرَّرَةٌ، قالوا: إنه اختارها وصَحَّتْ عنده من ستمائة ألف حديث كانت متداولة في عصره»(١).
نحن لا ننكر كثرة الحديث ولكن يجب أنْ يعلم تحديد المراد من كلمة الحديث وتفريق العلماء بين الحديث والخبر والأثر.