اختلفت نُقُولُ العلماء من موقف المعتزلة من السُنَّة، والذي استنتجه الخضري من كتابات الشافعي ومال إلى ذلك الأستاذ السباعي بأنَّ الفرقة التي رَدَّتْ الأخبار كلها هي المعتزلة (١) لأنهم كانوا يَزِنُونَ جميع الأشياء بعقولهم الفاسدة وأذهانهم القاصرة، ولا شك أنَّ العقل الإنساني مهما بلغ من الذُّرْوَةِ والكمال فلا بُدَّ أنْ يبقى قاصرًا عن إدراك بعض الحقائق ولا سيما الأمور التعبُّدية غير المُعَلَّلَةِ كما قال الشافعي:«كما أنَّ الحواس لها حد تنتهي إليه كذلك العقل له حد ينتهي إليه ويقصر دونه».
والواقع أنَّ نُقُولَ العلماء عن موقف المعتزلة من السُنَّةِ قد اضطربت - كما قال السباعي - هل هم مع الجمهور في القول بِحُجِيَّتِهَا بِقِسْمَيْهَا المتواتر والآحاد أم ينكرون حُجِيَّتِهَا بِقِسْمَيْهَا أم يقولون بحجية المتواتر وينكرون حجية خبر الآحاد؟
وذكر السباعي نُقُولاً عن الآمدي وابن حزم وابن القيم ثم قال:«وهذه النقول - كما ترى - متضاربة لا تعطينا حكما صحيحاً في المسألة» ثم تحدث عن مذهب النَظَّامِ وأنه ينكر معجزات النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من انشقاق القمر وتسبيح الحصى في يده ونبع الماء من بين أصابعه ليتوصل من ذلك إلى إنكار نُبُوَّتِهِ. ثم إنه استثقل أحكام شريعة الإسلام في فروعها ولم يجرؤ على إظهار