لم يَتَّجْهْ المستشرقون إلى دراسة الأحاديث النبوية في وقت مبكر ولعل أول من قام بمحاولة دراسة الأحاديث النبوية هو المستشرق (جولدتسيهر) الذي نشر نتيجة بحثه سَنَةَ ١٨٩٠ م بعنوان " دراسات إسلامية " باللغة الألمانية. وحظي كتابه هذا مكانًا مرموقًا في دائرة الاستشراق من ذلك الوقت حتى الآن وَعُدَّ كتابه إنجيلاً مُقَدَّسًا عندهم.
ثم بعد ذلك - وبِمُضِيِّ أكثر من نصف قرن - نشط البروفسور المستشرق (شاخت) وأمضى وقتًا غير قليل في البحث والتنقيب في معادن الأحاديث الفقهية وخلاصة ما وصل إليه من نتائج «أنه ليس هناك حديث واحد صحيح وخاصة الأحاديث الفقهية» وأصبح كتابه إنجيلاً ثانيًا لعالم الاستشراق وفاق (شاخت) سلفه (جولدتسيهر) حيث غَيَّرَ من نظرته التشكيكية في صحة الأحاديث إلى نظرة متيقنة في عدم صحتها.
ولقد ترك كتابه هذا أثرًا عميقًا في تفكير دَارِسِي الحضارة الإسلامية حتى قال المستشرق (جب): «إنه - يعني كتاب شاخت - سيكون في المستقبل أساسًا لكافة الدراسات عن الحضارة الإسلامية والتشريع وعلى الأقل في الغرب».
ولم تنشر بحوث في السُنَّة بأقلام المستشرقين في غضون ثلاثة أرباع قرن - ما عدا هذين الكتابين - اللَّهُمَّ إلاَّ عِدَّةَ مقالات لا تمس الموضوع إلاَّ من بعيد.