وخلاصة القول أنَّ الأحاديث النبوية لم يتجه إلى دراستها إلاَّ عدد قليل جدًا من المستشرقين، ومع ذلك فإنَّ بحوثهم لم تكن ناضجة، ومناهج بحثهم لم تكن علمية، ويمثل ذروة هذه الدراسات كتابات (شاخت) التي أصبحت من المصادر الأساسية لِكُتَّابِ الغرب بل ولكثير من كُتَّابِ الشرق الذين قاموا بأخطر دور في تاريخ البحث العلمي فيما يتعلق بالحديث النبوي، ومن ثم وجهت سهام الطعن إلى السُنَّة النبوية من قبل مختلف الأشخاص ومن مختلف الزوايا وتناول كل فريق منهم جانبًا من جوانبها المختلفة.
فمنهم من طعن في حُجِيَّةِ السُنَّة ومكانتها التشريعية ومنهم من ادَّعَى تأخر كتابة الأحاديث إلى قرن أو أكثر ثم استنتج من ذلك أنه لا يمكن الاعتماد عليها، ومنهم من أثار الشك في الأسانيد وقيمتها العلمية. وقال قائل منهم كيف نقبل الأحاديث وتعتبرها صحيحة وقد بلغ عددها سبعمائة ألف. ألم يكن للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مشغل شاغل إلاَّ الكلام فقط، ومنهم من أضاف إلى ذلك تساؤلاً آخر فقال:«إنَّ الأحاديث الموجودة في أيدينا لا تصل إلى مائة ألف فأين بقية الرصيد المُدَّعَى».
ومنهم من استنتج نتيجة أخرى فقال:«لقد انتشر الكذب في الحديث فبلغ في عهد البخاي حَدًا لم يجد بسببه إلاَّ حديثًا واحدًا صحيحًا من كل مائة وخمسين أفلا يحق لنا أنْ ننتقد هذه المجموعة أيضًا - مجموعة البخاري نفسها - فنختار منها ما نختار بالبحث والتحقيق وندع ما ندع غير آسفين لنا قدر في البخاري».
ومنهم من حكم قائلاً - كغلام أحمد البرويز - أنَّ الأحاديث إنما كانت مؤامرة أعجمية على نقاءة الإسلام وصفائه وبساطته وقد تجمعت هذه الأفكار