للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال النووي: «وَفِي هَذِهِ [الأَحَادِيثِ] فَضِيلَةُ تَمْرِ الْمَدِينَةِ وَعَجْوَتِهَا وَفَضِيلَةُ التَّصَبُّحِ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ مِنْهُ وَتَخْصِيصُ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ دُونَ غَيْرِهَا» (١).

ومنهم من قال إنَّ هذا عام في كل عجوة لأنَّ: «السَّمُومَ إِنَّمَا تَقْتُلُ لإِفْرَاطِ بُرُودَتِهَا فَإِذَا دَاوَمَ عَلَى التَّصَبُّحِ بِالْعَجْوَةِ تَحَكَّمَتْ فِيهِ الْحَرَارَةُ وَأَعَانَتْهَا الْحَرَارَةُ الْغَرِيزِيَّةُ فَقَاوَمَ ذَلِكَ بُرُودَةَ السُّمِّ مَا لَمْ يُسْتَحْكَمْ» (٢).

والذي ارتضاه الأكثرون تخصيصه لعجوة المدينة لما مَرَّ من حديث " مسلم " ولما جاء في حديث سَعْدٍ الآتِي قَالَ: مَرِضْتُ مَرَضًا أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا عَلَى فُؤَادِي فَقَالَ: «إِنَّكَ رَجُلٌ مَفْؤُودٌ، ائْتِ الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ أَخَا ثَقِيفٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَتَطَبَّبُ فَلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنَّ بِنَوَاهُنَّ ثُمَّ لِيَلُدَّكَ بِهِنَّ» (٣).

قال ابن القيم: «والتمر غذاء فاضل حافظ الصحة ولا سيما من اعتاد الغذاء به كأهل المدينة وغيرهم ... » إلى أَنْ قال: «وتمر العالية من أجود أصناف تمرهم فإنه مُلَيِّنٌ للجسم لذيذ الطعم، صادق الحلاوة، والتمر يدخل في الأغذية والأدوية والفاكهة وهو يوافق أكثر الأبدان ... ولا ريب أَنَّ للأمكنة اختصاصًا ينفع كثيرًا من الأدوية في ذلك دون غيره فيكون الدواء الذي نبت في هذا المكان نافعًا من الداء» (٤). ولا يوجد فيه ذلك النفع إذا نبت ف يمكان غيره لتأثير


(١) " شرح مسلم " للنووي: ١٤/ ٣.
(٢) " فتح الباري ": ١٠/ ٢٤٠.
(٣) رواه أبو داود: ٤/ ٢٠٧ وفي إسناده مقال.
(٤) قلتُ: من هذا الباب ما ذكروا أَنَّ هناك بئرًا بطريق المدينة (حائل) يستشفى الناس من مائه، وأَنَّ كثيرًا مِمَّنْ سقوا منه شفوا من أمراضهم بعد شربهم واغتسالهم منه وأَنَّ أفواجًا من الناس الذين ابتلاهم الله بأمراض يتزاحمون عليه بكرة وعشيًا للشرب منه حتى اضطرت الإمارة والشرطة إلى تعيين رجال الأمن حوله للحفاظ على النظام وتفاديًَا من الفوضى. وقامت البلدية ببناء أحواض لتسيير عملية توزيع الماء، فإذا كان هذا واقعًا في مدينة حائل فما ظنك بالمدينة المنورة التي فاضت بدعاء النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتواترت في فضائلها أحاديث كثيرة وقد جمعتها وخَرَّجْتُهَا في " الدرة الثمينة في جمع وتخريج ما ورد من الحديث في فضائل المدينة ". اهـ.

<<  <   >  >>