الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رغم أنف الطاعنين، بل إنَّ الطاعنين فيه هو الطاعن في هذا الحديث فقد رموا صحابيًا بالبهت وَرَدُّوا حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة، والحال أنه رواه جماعة من الصحابة وليت شعري هل علم هؤلاء بعدم تفرد أبي هريرة بالحديث، وهو حُجَّةٌ لو انفرد. فكيف وقد تابعه صحابيان جليلان؟.
ثم قالوا - منكرين -: كيف يكون الذباب الذي هو مياءة الجراثيم فيه دواء؟
وكيف يجمع الداء والدواء في شيء واحد؟ وهل الذباب يعقل فيقدم أحد الجناحين على الآخر؟
سبحان الله! هل العقل يمنع أَنْ يجمع الله الداء والدواء في شيء واحد بل هو معروف مشاهد، فالنحلة تلقي السم من أسفلها وتخرج عسلاً فيه شفاء للناس من فيها، والحية القاتل سمها يدخل لحمها في الترياق الذي يعالج به السم، والله الذي هدى النملة إلى أًنْ تبني بيتها على أحسن نظام هندسي، وهَدَى النملة إلى أَنْ تَدَّخِرَ قُوتَهَا لأوان حاجتها لقادر على أنْ يلهم الذبابة أنْ تقدم جناحًا وتوخر آخر ...
ثم إنَّ كثيرًا من الناس يتوهم أنَّ هذا الحديث يخالف ما يقرره الطب وهو أنَّ الذباب يحمل بأطرافه الجراثيم، فإذا وقع في الطعام أو في الشراب علقت به تلك الجراثيم، والحقيقة أنَّ هذا الحديث لا يخالف الأطباء في ذلك بلى يؤيدهم إذ يخبران في أحد جناحيه داء ولكنه يزيد عليهم فيقول:«وَفِي الآخَرِ شِفَاءٌ».
فهذا مما لم يحيطوا بعلمه فوجب عليهم الإيمان به إِنْ كانوا مسلمين وإلاَّ فالتوقف إنْ كانوا من غيرهم، إِنْ كانوا عقلاء علماء؟ وذلك لأن العلم الصحيح يشهد أَنَّ عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه.