للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الطعنة التي استنتجها المؤلف من قول ابن عمر والذي عَبَّرَ عنها بقوله: «وهذا نقد من ابن عمر لطيف ... » فقد تعرض الشُرَّاحُ لها وَبََيَّنُوا مُرَادَ ابن عمر من مقالته.

قال الحافظ: «وَيُقَال إِنَّ اِبْن عُمَر أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِشَارَة إِلَى تَثْبِيت رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة وَأَنَّ سَبَب حِفْظه لِهَذِهِ الزِّيَادَة دُونه أَنَّهُ كَانَ صَاحِب زَرْع دُونه، وَمَنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِشَيْءٍ اِحْتَاجَ إِلَى تَعَرُّف أَحْكَامه» (١).

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: «فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ إبَاحَةُ اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَكَذَلِكَ لِلزَّرْعِ لأَنَّهَا زِيَادَةُ حَافِظٍ»، زيادة الثقة مقبولة كما هو مقرر في أصول الحديث إذا كان هذا في غير الصحابة فما ظنك بالصحابة وهم عُدُولٌ عُدُولٌ عُدُولٌ.

قال النووي عند قول ابن عمر: «[قَالَ الْعُلَمَاءُ]: لَيْسَ هَذَا تَوْهِينًا لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلاَ شَكًّا فِيهَا بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبَ زَرْعٍ وَحَرْثٍ اعْتَنَى بِذَلِكَ وَحَفِظَهُ وَأَتْقَنَه ... وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ هَذِهِ الزِّيَادَةَ [وهى اتخاذه للزرع] من رواية بن الْمُغَفَّلِ وَمِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ ... ومن رواية بن الْحَكَمِ [وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ البجلى] عن ابن عمر ... وَلَوِ انْفَرَدَ بِهَا لَكَانَتْ مَقْبُولَةً مَرْضِيَّةً مُكَرَّمَةً» (٢) كيف وقد وافقه غيره.

ومن هنا تعرف الحقيقة الصحيحة، وأَنَّ ابن عمر لم يُكَذِّبْ أبا هريرة، وكيف يُكَذِّبُهُ وقد سبق أنه اعترف أَنَّ أبا هريرة كان أحفظهم لحديث رسول اللهُُ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.


(١) " فتح الباري " لابن حجر العسقلاني: ٥/ ٦.
(٢) انظر " شرح مسلم للنووي ": ٦/ ٥٥٥ و " تحفة الأحوذي ": ٥/ ٦٦.

<<  <   >  >>