للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع ما يريد دون ما يريد صاحبه وكثيرًا ما يسند القول إلى غير صاحبه تمويهًا وتضليلاً.

فنقل عن ابن كثير في " البداية والنهاية " (١) أنَّ عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال لكعب الأحبار: «لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيثَ (عَنْ رَسُولِ اللهِ) أَوْ لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ القِرَدَةِ».

وعبارة ابن كثير: لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيثَ (عَنْ الأُوَلِ) وليس فيها (عَنْ رَسُولِ اللهِ) ولكن " أمانة " أَبِي رِيَّةَ و (تحقيقه العلمي) أجازا له تحريف هذا النص ليثبت ما ادَّعَاهُ من أنَّ كَعْبًا كان يُحَدِّثُ عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنَّ الصحابة كانوا يأخذون عنه الحديث، وهذه الفرية دَسَّهَا المستشرقون اليهود أمثال «جولدتسيهر» لِيَدَّعُوا تأثير اليهودية في الدين الإسلامي! .. فتلقفها منهم «المحقق العلمي» أَبُو رِيَّةَ، وتبرع لهم بإثبات الأدلة عن طريق «التزوير» (٢).

إنه لم يَتَحَلَّ بالأدب والخُلُقِ الشريف في بحثه فقد أتى بالألفاظ البذيئة والكلمات النابية التي يَتَرَفَّعُ عنها المؤلفون العاديون فضلاً عن المُحَقِّقِينَ المُنْصِفِينَ وجعل من نفسه (العلاَّمة المحقق الأمين) فَتَهَكَّمَ بالمُحَدِّثِينَ ورماهم بالجهل والتساهل فعندما عرض للحن والخطأ في الحديث والتقديم والتأخير والزيادة والنقص منه ص ٧٥ - ٧٩ ثم ذكر عنواناً بالخط العريض فقال: «تساهلهم - أَيْ المُحَدِّثِينَ - فيما يُرْوَى في الفضائل وضرر ذلك». وهو يوهم من لا يعلم أنَّ المُحَدِّثِينَ جميعًا على هذا - مع أنَّ كثيراً من الأئمة كالبخاري ومسلم وابن خزيمة قد جَرَّدُوا كتبهم للصحاح، وَتَحرَّوْا غاية التَحَرِّي في ذكر أحاديث الفضائل، وأيضاً فالمُحَدِّثُونَ لم يأخذوا بالأحاديث الضعيفة في باب الفضائل إِلاَّ بشروط فصلها أهل الفن والتحقيق، فإرسال القول على عواهنه - كما


(١) ٨/ ٢٠٦.
(٢) " السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص ٣٦٤.

<<  <   >  >>