للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْهُ قَطْرَةً. فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ، فَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّةٌ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ.

فَقُلْتُ لأَبِي: يَا أَبَهِ أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ عَمَّا قَالَ. قَالَ: أَيْ بُنَيَّةٌ فَمَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ.

فَقُلْتُ: وَاللَّهُ إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ بَلَغَكُمْ، وَاسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ [وَصَدَّقْتُمْ بِهِ] فَلَئِنْ قُلْتُ [لَكُمْ] : إِنِّي بريئةٌ -وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي [بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأمرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُونِي] وَإِنِّي [وَاللَّهِ] لا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلا إِلا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ -وَاخْتَلَسَ مِنِّي اسْمَ يَعْقُوبَ، وَكُنْتُ جاريةٌ حَدِيثَةَ السَّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ-: {فصبرٌ جميلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ على ما تصفون} .

[قَالَت] : ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حينئذٍ بريئةٌ، وَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ سَيُبَرَّئُنِي، وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي عَيْنِي وَأَصْغَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فِي شيءٍ مِنْ شَأْنِي أَوْ يُنْزِلَ وَحْيًا يُتْلَى فِي شَأْنِي، وَلَكِنْ رَجَوْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرِي نَبِيَّهُ فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا يُذْهِبُ مِمَّا فِي نَفْسِهِ عَلَيَّ.

قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا رَامَ فِي حَدِيثِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ، وَلا خَرَجَ أحدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى نَزَلَ عَلَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ، فَأَخَذَهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ مِثْلُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَّانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ، كَانَ أَوَّلُ شيءٍ تَكَلَّمَ بِهِ وَهُوَ يَضْحَكُ: ((أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ)) . وَتَلا عَلَيَّ هَذِهِ الْعَشْرَ الآيَاتِ {إِنَّ الَّذِينَ جاؤوا

<<  <   >  >>