الدين القرمي العفيفي العلامة المتفنن، أحد العلماء الأكابر. كان إماما عالما بالتفسير، والعربية، والمعاني والبيان، والفقه والأصلين، ملازما للاشتغال والإفادة؛ حتى في حال مشيه وركوبه؛ يتوقد ذكاء، تفقه في بلاده، وأخذ عن أبيه والعضد، والبدر التستري، والخلخالي، وتقدم في العلم قديما، حتى كان الشيخ سعد الدين التفتازاني أحد من قرأ عليه، وحج قديما، فسمع من العفيف المطري.
وكان يقول: أنا حنفي الأصول، شافعي الفروع؛ وكان يستحضر المذهبين، ويفتي فيهما، ويحل «الكشاف» و «الحاوي» حلا إليه المنتهى؛ حتى يظن أنه يحفظهما، ويحسن إلى الطلبة بجاهه وماله؛ مع الدين المتين، والتواضع الزائد، والعظمة، وكثرة الخير وعدم الشر.
ولما قدم القاهرة استقر في تدريس الشافعية بالشيخونية ومشيخة البيبرسية، وكان اسمه عبيد الله؛ فكان لا يرضى بذلك ولا يكتبه لموافقته اسم عبيد الله بن زياد قاتل الحسين، وكانت لحيته طويلة بحيث تصل إلى قدميه، ولا ينام إلا وهي في كيس، وإذا ركب تتفرق فرقتين؛ وكان عوام مصر إذا رأوه يقولون: سبحان الخالق! فكان يقول: عوام مصر مؤمنون حقا لأنهم يستدلون بالصنعة على الصانع.
أخذ عنه الشيخ عز الدين بن جماعة، والشيخ ولي الدين العراقي، وخلق.
وروى عنه البرهان الحلبي، وغيره. ومات في ذي الحجة سنة ثمان وسبعمائة. ذكر ذلك ابن حجر وغيره.
وكتب إليه طاهر بن حبيب:
قل لرب الندى ومن طلب العل ... م مجدا إلى سبيل السواء
إن إن أردت الخلاص من ظل ... مة الجهل فما تهتدي بغير الضّياء